أرسلت هدى عبد الرحيم تقول، زوجى يبلغ من العمر 34 عاما، ومنذ فترة يعانى من بعض المشاكل فى عمله وتزامن مع هذه المشكلات شعوره بهبوط ودوخة مع دقات قلب سريعة، وقد ذهب إلى طبيب القلب، الذى وقع الفحص الإكلينكى عليه وطلب منه عمل بعض التحاليل والأشعة، والتى جاءت كلها بنتائج سلبية تشير إلى عدم إصابة زوجى بأى من أمراض القلب وقد نصحه الطبيب باللجوء إلى الطبيب النفسى لمساعدته فى تجاوز بعض المحن التى يمر بها، إلا أنه لم يستمع لتلك النصيحة وذهب لأطباء آخرين فى عدة تخصصات مختلفة، منها أخصائيين فى الأمراض الباطنية والجهاز الهضمى والصدر والقلب إلا أنهم جميعا اتفقوا على عدم وجود أية إصابة عضوية ألمت بزوجى، ولابد له أن يعرض نفسه على أخصائى فى الطب النفسى، وهو لا يريد أن يذهب لأى من الأطباء النفسيين بزعم أنه "غير مجنون" وكل ما يشعر به إنما هى آلام عضوية، فما الحل؟
وتجيب عن هذا التساؤل الدكتورة لميس على الراعى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب بجامعة القاهرة قائلة:
إن ما يعانى منه هذا الزوج يسمى مرض "توهم المرض"، وهو يصيب الرجال والنساء على حد سواء، بينما الشريحة العمرية الأكثر إصابة به تتراوح عمرها ما بين 18و50 عاما، وأعراضه تتمثل فى توهم المريض لبعض المعاناة من آلام عضوية، مثل سرعة دقات القلب أو عدم انتظامها، الشعور بالصداع ،مغص، وتلك الإسقاطات يلجأ إليها الشخص بدلا من مصارحة نفسه بالضغوط الواقعة عليه فى العمل أو فى الأسرة، وقد تصيبه بأعراض نفسية مثل القلق والاكتئاب، وذلك لأنه لا يستطيع أن يتحمل تلك الأعراض النفسية أو يجد لها حلولا، فإنه يلجأ إلى الإحساس بالمتاعب العضوية.
وتشير الدكتورة لميس إلى أن تصنيف هذا المرض من الناحية النفسية ليس مرضا خطيرا، إلا أنه من الناحية الاقتصادية يعد مكلفا للغاية، حيث لا يقتنع صاحبه باللجوء إلى الطبيب النفسى لإيجاد حل لما يصيبه، ولكنه يظل يذهب إلى العديد من الأطباء على اختلاف تخصصاتهم بحثا عن تشخيص يرضيه لما يشعر به، وكذلك لا يترك تحليلا طبيا أو عمل أشعة إلا خضع لها، رغم أن النتائج جميعها تكون سلبية، وفى هذا يضيع جهده وماله، ولهذا يجب أن يتبنه الأطباء البشريون فى شتى التخصصات بمراعاة حالة المريض النفسية، والتى قد تنعكس عليه بشكل كبير على الشعور بآلام عضوية ومن ثم لابد من أن يقتنع المريض بضرورة الاستعانة بالطبيب النفسى، والذى سوف يصف للمريض بعض الأدوية، إلى جانب أدوية تعالج الأعراض المتمثلة فى الاكتئاب أو القلق، إلى جانب الجلسات النفسية، مع الاهتمام بمساعدة المريض على إيجاد حلول لمشكلاته أو التأقلم عليها إذا ما كان الأمر صعبا، وهذا يتوقف على الصحة النفسية للمريض ومناعته النفسية، وكذلك طريقة مواجهته للمشكلات، أو أن الطبيب الأول"أى الذى ذهب إليه المريض ليعالجه شاكيا من أعراض عضوية" يفطن إلى أن مريضه لا يفضل الذهاب إلى الطبيب النفسى، ومن ثم يمكن وصف العلاج بعد استشارة الطبيب النفسى، ويكون الأمر مشورة بين الطبيبين.
الكاتب: سحر الشيمي
المصدر: موقع اليوم السابع